الأربعاء، 29 أبريل 2015

القصر الاسباني .. تحفة فنية بطابع ملوكي

تمر بتلك البوابة الأنيقة لتقف أمام ساحة واسعة تمتد لها بصرك، لتطوف بعينيك حول أرجائها سائرًا على أرضيتها الفاتحة مرسومة الخطوط، التي زينتها أربعة عواميد ذهبية، لتسير حتى تصل إلى ذلك المبنى الفخم الذي تحده الأسوار والأعمدة البيضاء، لتشعر بهيبة القصور، خاصة إذا كانت في أحد أجمل البقاع مثل مدريد، هنا في "القصر الملكي الإسباني" حيث اختلطت الطبيعة بالفخامة الملكية.

على أنقاض قصر "الكارز" الذي دمره حريق مهول، بني القصر الملكي عام 1734، بعد أن أمر الملك فيليب الخامس ببنائه، إلا أن تشييده وأعمال بنائه انتهت في عهد الملك تشارلز الثالث، مستغرقًا نحو 26 عامًا في بنائه، وأعيد تصميمه وتأثيثه في القرنين التاسع عشر والعشرين.

أصبح القصر الذي صممه خوان باوتيستا مزارًا سياحيًا يستقبل الجميع ويفتح أبوابه معظم أيام الأسبوع، عدا العطلات الرسمية وزيارات كبار الشخصيات لإسبانيا، التي يقيم فيه خلالها الملك لاستقبال الزوار في قاعاته رسميًا، وغير ذلك يستقبل القصر الإسبانيين والسياح، كأحد أهم المواقع الملكية الإسبانية.

من على درجات السلم الأساسي بالقصر، تبدأ الجولة الملكية، التي تخطف نظر العين لها من تحفتها الفنية، التي عادة ما تبهر كل من يتجول بداخله، عشرات القاعات والغرف تنبثق من مدخل مصمم كلوحة فنية، تزينه لوحات مذهبة رسمت على السقف ترجع لعام 1782، ومنه لغرفة "هالبيرديرز" وقاعة الأعمدة التي شهدت مناسبات من التاريخ الإسباني، كتوقيع معاهدة انضمام إسبانيا للاتحاد الأوروبي عام 1985.

"غرفة العرش".. هي تلك الغرفة الأبرز داخل القصر، وما زال الملك الإسباني يستقبل فيها كبار الزوار والشخصيات، فهي مرآة عراقة القصر وعلو وعظمة العائلة الملكية، اسم على مسمى فالأحمر الذي يسيطر عليها، وأفخم أنواع الأقمشة المخملية على مقاعدها وجدرانها، والآلهة التي ضمنت وجودها على سقف الغرفة، والتي تحكي لزوارها تاريخ الحروب التي خاضها ملوك إسبانيا، لتلمع الحكايات على أضواء كريستال الأباريق.

هنا قاعة "كارلوس الثالث" حيث كان يتناول الملك عشاءه، وهناك قاعة "غاسباريني" التي سميت تخليدًا لمصممها الفنان الإيطالي، وغرفة "البورسلان" التي تبهر زوارها بكل ما صمم بها من البورسلان، من السقف للجدران، كذا غرفة الطعام التي تعد من أكبر قاعات القصر، تستخدم حتى الآن لإقامة المآدب الرسمية بدعوات من الملك والملكة، واستخدمت لأول مرة عام 1879 عند زواج الملك الإسباني تشارلز الثالث من الملكة ماريا كريستينا.

التصوير الممنوع داخل القصر، تحرم هؤلاء ممن لم تسنح لهم الفرصة لزيارة القصر من رؤيته، والتجول داخل قاعاته الفخمة، التي تزيدها جمالًا تلك الحدائق التي تحيط بالقصر، والتي أوحت للمؤلف الإسباني خواكين رودريغو لتأليف مقطوعته "كونسيرتو دي آرانخويث"، ليقبع هذا القصر تحفة فنية وحضارية وتاريخية ذات طابع ملوكي خالص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق